سورة الحاقة - تفسير تفسير أبي السعود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحاقة)


        


{لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخاطئون} أصحابُ الخَطَايَا، منْ خَطِىءَ الرِجلُ إذَا تعمَّدَ الذنبَ لا من الخطإِ المقابلِ للصوابِ دونَ المقابلِ للعمدِ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُمَا أنَّهم المشركونَ وقرئ: {الخَاطِيُونَ} بإبدالِ الهمزةِ ياءً وقرئ بطرحِهَا وقدْ جُوِّزَ أنْ يرادَ بهِم الذينَ يتخطَّونَ الحقَّ إلى الباطلِ ويتعدّونَ حدودَ الله.
{فَلاَ أُقْسِمُ} أيْ فأُقسِمُ على أنَّ لاَ مزيدةٌ للتأكيدِ وأمَّا حملُهُ على مَعْنَى نفيِ الإقسامِ لظهورِ الأمرِ واستغنائِهِ عن التحقيقِ فيردُّه تعيينُ المقسمِ بهِ بقولِهِ تعالَى: {بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ} كما مرَّ في سورةِ الواقعةِ أي أقسمُ بالمُشاهداتِ والمغيباتِ وقيلَ بالدُّنيا والآخرةِ وقيلَ بالأجسامِ والأرواحِ والإنسِ والجِنِّ والخلقِ والخالقِ والنعمِ الظاهرةِ والباطنةِ، والأولُ منتظمٌ للكلِّ {أَنَّهُ} أيِ القرآنَ {لَقَوْلُ رَسُولٍ} يبلغُهُ عن الله تعالَى فإنَّ الرسولَ لا يقولُ عن نفسِهِ {كَرِيمٌ} على الله تعالَى وهو النبيُّ أو جبريلُ عليهما السَّلامُ {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} كما تزعمونَ تارةً {قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ} إيماناً قليلاً تؤمنونَ {وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ} كما تدَّعُونَ ذلكَ تارةً أُخرى {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} أي تذكراً قليلاً أو زماناً قليلاً تتذكرونَ على أنَّ القلةَ بمَعْنَى النَّفي أيْ لا تُؤمنونَ ولا تتذكرونَ أصْلاً، قيلَ ذُكِرَ الإيمانُ معَ نَفي الشاعريةِ والتذكرُ مع نَفي الكاهنيةِ لما أنَّ عدمَ مشابهةِ القُرآنِ الشعرَ أمرٌ بينٌ لا يُنكرهُ إلا معاندٌ بخلافِ مباينتِهِ للكهانةِ فإنَّها تتوقفُ على تذكرِ أحوالِهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ومعانِي القُرآنِ المنافيةِ لطريقةِ الكَهَنَةِ ومعانِي أقوالِهِم، وأنتُ خبيرٌ بأنَّ ذلكَ أيضاً مما لا يتوقفُ على تأملٍ قطعاً وقرئ بالياءِ فيهما {تَنزِيلٌ مّن رَّبّ العالمين} نزلَّهُ على لسانِ جبريلَ عليهِ السَّلامُ {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الاقاويل} سُمِّي الافتراءُ تقوُّلاً لأنَّه قولٌ متكلفٌ والأقوالُ المُفتراةُ أقاويلُ تحقيراً لها كأنَّها جمعُ أُفْعُولةٍ من القولِ كالأضاحيكِ، جمعُ أُضْحوكَةٍ.


{لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين} أي بيمينِهِ {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين} أي نياطَ قلبِهِ بضربِ عنقِهِ وهو تصويرٌ لإهلاكِهِ بأفظعِ ما يفعلُهُ الملوكُ بمن يغضبونَ عليهِ وهو أنْ يأخدَ القتَّالُ بيمينه ويكفَحُه بالسيفِ ويضربَ عُنقَهُ وقيلَ اليمينُ بمعنى القوةِ قال قائلُهُم:
إِذا مَا رَايةٌ رُفِعَتْ لِمَجْد *** تلقَّاها عُرابةُ باليمينِ
{فَمَا مِنكُم} أيُّها الناسُ {مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ} عن القتلِ أو المقتولِ {حاجزين} دافعينَ وصفٌ لأحدٍ فإنَّهُ عامٌّ {وَإِنَّهُ} أي وإنَّ القُرآنَ {لَتَذْكِرَةٌ لّلْمُتَّقِينَ} لأنهم المنتفعونَ بهِ {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ} فنجازيهم على تكذيبِهِم {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الكافرين} عند مشاهداتِهِم لثوابِ المؤمنينَ {وَإِنَّهُ لَحَقُّ اليقين} الذي لا يحومُ حولَهُ ريبٌ مَا {فَسَبّحْ باسم رَبّكَ العظيم} أي فسبحْ بذكرِ اسمهِ العظيمِ تنزيهاً لهُ عن الرِّضا بالتقولِ عليهِ وشكراً على ما أُوحِيَ إليكَ. عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ سورةَ الحَاقَّةِ حاسبَهُ الله حساباً يسيراً».

1 | 2 | 3